من ذاكرة التاريخ الاعلامى / سمير المسلمانى
دقت الساعة الثانية بعد ظهر السادس من أكتوبر عام 1973.. يقف “السادات” وسط قادة الجيش بغرفة العمليات.. ونظرات الترقب تسود المكان.. الجميع ينتظر الضربة الأولى لأهداف العدو على القناة.. وها هو “السادات” يصدر أوامره لقائد القوات الجوية ببدأ الحرب.. وبعد دقائق معدودة ضربت طائرتنا المواقع الحصينة على خط بارليف لتحقق نجاحًا كبيرًا على عكس كافة توقعات الخبراء الاستراتيجين على مستوى العالم.. وبعد القصف الجوى انطلق الآلاف من ضباط الصاعقة والمشاة والمضلات يعبرون الساتر الترابي بصيحات تزلزل القناة “الله أكبر”.. ليضع رجال القوات المسلحة أقدامهم على الضفة الشرقية للقناة معللنين استعادة الأمة الجريحة شرفها.
تل أبيب في حالة ذهول
على الجانب الآخر، بدأت الأخبار تتوالى في تل أبيب، عن نجاح القوات المصرية في العبور والاستيلاء على المواقع الحصينة على طول خط القناة، حينها أدركت جولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية آن ذاك، أن حلم الإمبراطورية الإسرائيلية يسقط، وأن مبدأ التوسع بالبطش فشل على أرض المواجهة، وتبدأ سريعًا في استدعاء قادة اسرائيل على رأسهم موشي ديان وزير الدفاع، ورئيس أركان حرب الجيش دافيد اليعازار، أدرك المتواجدون أن مستقبل اسرائيل في خطر خاصة وأن الجانب السوري شن هو الأخر ضربات متتالية على الجزء المحتل في الجولان، لتحارب إسرائيل من جبهتين في نفس التوقيت.
استخدام السلاح النووي
بدأ وزير الدفاع موشيه ديان، في طرح استخدام السلاح النووي، حسب ما نشرت صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية، وموقع “نيوز 1 الإخباري الإسرائيلي”، لأن تفوق العرب بدا واضحًا منذ الساعات الأولى للحرب، وعلى غراره بدأ الحضور في مناقشة الفكرة، وعلمت وكالة الإستخبارات الأمريكية أن إسرائيل جهزت صورايح نووية لضرب مواقع حيوية في القاهرة، لإيقاف تقدم المصريين في سيناء والضغط على “السادات” لإيقاف الحرب، لكن حلفاء “السادات” السوفيت لم يقفوا مكتوفين الأيدي بعد أن علموا هم الأخرين بنفس المعلومات، وبدأت رسائل موسكو تنهال على البيت الأبيض ما بين محذرة وأخرى مهددة بالتدخل العسكري لمساندة المصريين.
علمت “جولدا مائير” أن إستخدام السلاح النووي سيكون تصرفًا جنونيًا، خاصة أن الدول العظمي ستعتبر إسرائيل في هذا الوقت خطر على العالم كله، ومن هنا ستفتح عليهم كما يقول المثل “أبواب جهنم”، ومع الوصول لهذه النتائج رفضت رئيسة وزراء إسرائيل مقترح وزير دفاعها، وتبدأ في الاستماع لباقى الأفكار المطروحة على الطاولة.
وثائق مسربة
وكشفت وثائق دولية سربت بعد انتهاء الحرب، أن تقييم أجهزة ووكالات المخابرات الأمريكية كشفت أن إسرائيل هددت الدول العربية باستخدام الأسلحة النووية، لأن استخدامها لتوازن قوى الأسلحة التقليدية كانت تميل لصالح العرب، كمت ذكرت “هاآرتس” أن هناك ما يقرب من 1300 صفحة من المناقشات الداخلية التى عقدها مسئولون حكوميون فى الولايات المتحدة فى جلسة سرية واحدة عقدت فى 27 نوفمبر عام 1973 بعد شهر من نهاية الحرب، والتقى خلالها الرئيس الأمريكى “ريتشارد نيكسون” ووزير خارجيته “هنرى كيسنجر” مع زعماء الكونجرس من كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى لمناقشة هذه المسألة، لكن زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ الأمريكى “مايك مانسفيلد” قال: “هل إسرائيل ومصر لديها قدرات لأسلحة نووية؟”، فأجاب كيسنجر “أن إسرائيل لديها القدرة على إنتاج أعداد صغيرة من السلاح النووى خلال أيام قليلة، وتستطيع ضرب مصر بها ولكن مصر لا”.